الجمعة، 17 مايو 2013

الائيزدية وجذورها التاريخية في (بلاد هه كاري)

الائيزدية وجذورها التاريخية في (بلاد هه كاري)
الموضوع:ميتولوجية

نتيجة الصدام الحضاري بين شعوب المنطقة عانت مناطق الهكاري وخصوصاَ ((الائيزديين)) وفي الاحقبة المتتالية من الويلات والبطش من الفتوحات الاسلامية في عهود الخلفاء (الراشدين والامويين والعباسين)،



الى العهد البويهي والسلجوقي واتابكة موصل والمغولي، والحكام الموصل الجليلين الى العهد العثماني ،وكانت بلاد هكاري موطن الكرد الاصلاء و معروفة بهذا الاسم و مساحتها تطابق مع مساحة بادينان الحالية و التي تشمل(دهوك و العمادية وعقرة و زاخو و مناطق السورجية ) بالاضافة الى بعض المناطق الواقعة الجزء الجنوبي الشرقي من تركيا الحالية وتسمية الهكارية تطلق حالياَ على احدى ولايات الجمهورية التركية و هي ولاية((هكاري))(1)..
.التسمية (2):إن التسمية الهكارية (بفتح الهاء وتشديد الكاف) جاءت من اسم العشيرة الكوردية الائيزدية والتي كانت قديماَ تعيش هناك. وان هذه العشيرة كانت رعوية متنقلة و عاشت منذ القديم في جنوب بحيرة وان. واشارة عدد الباحثين الى ان التسمية جاءت(ئاكاري-ئاكاري-هاكاري) وبعد مرور من الزمن اصبح هكاري معناها مكان الزراعة،وهناك رأي آخريقول بأن هذه التسمية جاءت من اسم قبيلة كانت تعرف ب(هه كاريا) ويبدو ان هذا الاسم تحول الى هكاري والمرجح يكون الاول الأصح.تعد منطقة هكاري واحد من اكثر مناطق كردستان وعورة،اذ يتكون معظم سطحها من اراضي جبلية ذات قمم شاهقة تقع ضمن المنطقة الجبلية المعقدة حسب التقسيمات الجغرافية لسطح قارة اسيا.
المؤرخ ماكس فون اوبنهام وصف اليزيديين بـ"الأكراد الأشداء"، ولقد عاش هؤلاء، منذ قرون في جبل سنجار غرب الموصل وشرق الحدود السورية، وكذلك في منطقة الشيخان شرق الموصل وبلدة بعشيقا القريبة جداً من الموصل و زاخو ودهوك وسميل و تلكيف والقوش،فضلا عن سنجار (شيخان) في العراق فقد توزع اليزيديون بين ديار بكر وماردين وجبل الطور وفي حلب، ويبلغ تعدادهم (120) الف نسمة او يزيد ولغتهم هي الكردية فيما اشار الحسني (عبدالرحمن الى ان كل يزيدي متدين يتوجه عن شروق الشمس الى مطلعها وعند غروبها في مغيبها يلثم الارض ويعفر وجهه بالتراب ،وبين الدراسات المعاصرة عنهم دراسة قيمة للدكتور محمد التونجي ودراسة للباحثة والاكاديمية الايطالية نيليدا فوكارو(3).
يشكل الكرد معظم بلاد سكان هكاري و كانوا يتألفون من قبائل و عشائر وجماعات كثيرة،ويأتي في مقدمتهم القبيلة الهكارية ولكثرة نفوذهم السياسي عرفت البلاد بأسمهم وبصورة عامة كانت موطن الهكارية هو مدينة عمادية والقلاع المجاورة وكذلك جولميرك والقلاع التابعة لها.ويحدد ابن خلكان مناطق تلك القبيلة في شرقي الموصل ومن اهم المعاقل و حصون وقرى في بلاد الموصل من جهتها الشرقية في حين اشار بلداني ان موطنهم شمال موصل ،و جاءت في النصوص التاريخية ان الداسنيون كان يسكنون في المنطقة الواقعة بين دهوك و اتروش،حيث يذكر الحموي اي داسن((جبل عظيم في شمالي الموصل من جانب دجلة الشرقي)(4). بينما ذكر عنهم ابن فضل الله العمري انهم كانوا كثيري العدد ولكنهم تشتتوا وتفرقوا بين موصل وعقرة.لم يذكر المؤرخون والبلدانيون حدود داسن على وجه التحديد،وانما ذكر بشكل ظاهري.واشارة عدد من البلدانيين بأنها احدى كور موصل مستذكراَ(باعذرة)،اما في حين يشير الحموي اليها بوصفها بلداَ ذكر كجبل شمالي الموصل بينما تطرق ابن الحوقل اليها كأسم المنطقة حيث يمر بها نهرالزاب،وورد اسم داسن في المصادر السريانية ووسع احد الباحثين حدودها كثيراَ بأنها تبدا من وادي(نهلة) ثم يمتد شمالا برواري بالا ومن جهة الغرب الى فيشخابور. وعين سفني تقع هذه البلدة شمال شرقي الموصل وتبعد عنها حوالي(50كم)، ورد اسمها الكنيسية منذ سنة(310م) وجاء اسمها في المصادر التاريخية حيث ذكر ابن الفوطي انها ضمن بلاد الهكاري في حين ابن الفوطي المتوفي سنة1322م ذهب ابعد منهما في تحديد حدود هكاري من الجنوب حيث قال( وعين سفينة من بلد الهكار). واتفق عدد من الباحثين حول معنى سفني بأنها لفظة آرامية تعني الاوتاد الخشبية اي جاءت من الاسفين.
اما تسميتها بقضاء الشيخان (بالشيخان )فيعود تاريخها الى عهد شيخادي عندما التقى بالشيخ احمد الرفاعي المعروف بالشيخ احمد الكبير في كلي لالش المقدس، حيث قدم الاخير من بغداد وكان معه اربعون شيخا لغرض اللقاء بالشيخ آدي لمعرفة مدة قوة معجزاته ومقدرته الدينية والدنيوية وهناك معجزات تبين كيفية استقبال شيخادي للشيخ احمد الرفاعي. فقد قال شيخ عبد القادر الكلاني عن شيخ عدي الهكاري :(لو كانت النبوة بالكرامات لنالها شيخ عدي بن مسافر الهكاري).
وجاءت اسم باعذرة بانها احدى كور موصل،اما اسمه آرامي الاصل وتعني مدينة العماد والعون والمساعدة. وورد اسم لالش عند الحموي بصيغة(ليلش) حيث ذكر بأنها:(( قرية في اللحف من اعمال شرقي الموصل....) وفيها مقام الشيخ عدي بن مسافر الهكاري وتبعد عن عين سفني حوالي(10كم).
وكلمة لالش تتأف من مقطعين الاول (لال)بمعنى الأخرس و(هش)بمعنى الوعي أو الشعور فيصبح الاخرس الواعي وتأتي ايضا معناها في اللغة الكردية كلام مجموعة من الناس في وقت واحد كالصلاة مثلاَ.ووسع حموي وإبن الاثير حدود بلاد هكاري من جهة الجنوب كثيراَ حيث ذكر،لالش ـ مقام شيخ عدي بن مسافر الهكاري(5) ـ ضمن هكاري،وبالتحديد عند مجيء شيخ عدي الى لالش كانت هناك عشيرة هكارية ئيزدية تسكن في قرية كلي خديدة وأطراف لالش (يسمى بالعشيرة الهكارية) وكانو من أوائل الائيزديين الذين امنوا بكرامة شيخ الجليل و نادوا شعار(هه كاري شيخادي هاته هاري جي ب شيري جي ب كوبالي) أي( الشيخ عدي اتى للعون ومساعدة الائيزدية الهكارية بالسيف او بالباكور)،أما حدود بلاد هكاري من الجهة الغربية لم يححدها البلدانيون الا انه يمكن القول استنادا الى الحموي بأن الهكارية كانت بقلاعها وحصونها من مدينة جزيرة إبن عمر وماذكره إبن ناظر الجيش المتوفي سنة(1384م)ـ كان احد امراء الهكاريين ويدعى بهاء الدين بن إبراهيم الهكاري ويتبين مما سبق أن الاقسام الشرقية من جزيرة إن عمر(6) قد اصبحت ضمن الحدود الغربيةلامارة هكاري.
ونظرا لعدم ذكر المصادر التاريخية لاية اشارة الى حدود هذه البلاد من الجهة الشمالية والشرقية،فيمكن اعتمادا على ماذكرته مصادر متأخرة ان تعد باش قلعة(باشكال) وبحيرة وان بمثابة الحدود الشمالية لبلاد هكاري.اما من جهة الشرق فيكون نهر الزاب الكبير الحد الشرقي ويمكن ان نستدل على ذلك استنادا الى ماذكره ابن فضل الله العمري اثناء الحديث عن جولميرك حيث يذكر ان الزاب الكبير محدق بالمدينة.
ان بلاد هكاري كان يمتد حدودها بين اذربيجان (ايران)شرقاَ و ولاية الموصل من جهة الجنوب ومنطقة الجزيرة(بوتان) من الغرب.
الغزو الاسلامي لبلاد هكاري بالتحديد فتح الموصل سنة(20هجرية)(641م) بقيادة عتبة بن فرقد وعياض بن غنم تقدم باتجاه المناطق الكردية في الجهات الشمالية والشمالية الشرقية فقصد اولا مناطق عقرة والزيبار،ثم تقدم باتجاه عين سفني وباعذرا وبعدها سلك طريق دهوك و زاخو ثم فتح جميع قلاع الهكارية كالعمادية وآشب وهروري و قلاع اخرى،ويمكن القول ان فتح البلاد هكاري قد تم من قبل قوات الجبهة الشامية التي كان يقودها عياض بن غنم مابين سنة(18ـ20 هجرية)(639م)،لاتسعفنا المصادر التاريخة بأية معلومات عن بلاد هكاري وعن ادارتها بعد الفتح الاسلامي وفي العهد الراشدي،وربما كانت المنطقة تدار من قبل ولاة الموصل، كذلك في العهدين الاموي والعباسي.ويبدو ان بلاد الهكاري ظلت تابعة لولاة الموصل خلال العهد العباسي،وكان الوالي يتمتع بسلطات واسعة فبالاضافة الى سلطاته السياسية جباية الخراج والذي كان مختصاَ محاربة الخوارج فيذكر الازدي يصدد ذلك حادثة وقعت في منطقة هكاري بين صاحب رابطة الموصل الصقر بن مجالد واحسان بن مجالد واحد رؤساء الخوارج في باجلدا في منطقة باعذرا الهزيمة كانت لصاحب الرابطة.
ومن اشهر الحركات التي قام بها قادة الكورد في بلاد هكاري حتى سيطرة البوهيين على البلاد,حركة مير جعفر الداسني في جبال داسن في عهد الخليفة العباسي المعتصم(218ـ227هـ)(833ـ842م) واجتمع حوله عدد كبير من الكورد و توجه جعفر الى جبل داسن وتحصن فيها،لما قصده والي موصل عبدلله بن السيد هاجمه جعفر و قواته تحقق النصر عليهم وقتل ابن السيد)(7)،ثم كلف المعتصم القائد الكبير ايتاخ بالقضاء على جعفر وتمكن بعد قتال كبير من قتل مير جعفر الداسني والقضاء على حركته بعد ان اسر معظم قواته.
وفي عهد الخليفة المعتمد (870ـ892م)ظهر امير كردي آخر اسمه علي بن داؤد بن رهزاد الكردي ويذكر ابن الاثير بمعلثايا انه كان قائدا كبيرا،واشار المسعودي الا انه كان يمتلك قصوراَ فخما على ضفاف نهر الخابور.
ورد اسم عدي كما هو منشور من كلام الشيخ عدي بن مسافر الشامي (88 ،89 ص). كما ذكر الباحث يعقوب سركيس راميشوع في حوالي عام(1451م) بأن اسم والد الشيخ عدي كان مسفرا مسافر بن احمد وهو من الاكراد التيراهية (8)ولعل المورخ ابن الاثير هو اول من ذكر التيراهية حتى حوادث سنة(1205م)، كما ينسب المؤرخ ابن عتبة في تاريخ الفصول (الفخرية) الشيخ عدي بن مسافر الكردي فيقول ما نصه: من الكرد ملوك شبنكاره وال ـ مروان وملوك ديار بكر ومنهم أي من الكرد الشيخ جاكير الكردي والشيخ عدي الهكاري والشيخ ابو الوفا الحلواني و ابي الشوك وملوك الجبال...الخ، وذكر البغدادي اسماعيل باشا الباباني في كتابه ايضا (المكتوف) ان اسمه هو عدي بن مسافر الكردي الصوفي، وفاة عدي بن مسافر الهكاري(9) سنة(557هـ 1161م.
وبعد القضاء على حركة داود اليهودي في العمادية سنة(556هـ/1160م)ظلت بلاد هكاري اداريا تابعة لحكم علي كجك الى سنة(1167م)،ففي هذه السنة سلمة علي كجك جميع ماكان بيده من البلاد،وهي تشمل اربل و شهرزور وجميع بلاد هكاري وقلاعها ومن ضمنها العمادية وقلعة عقرة الحميدية وغيرها،ن الى السيد قطب الدين مودود وإحتفظ لنفسه بأربل.وبعد ان غادر علي كجك الموصل سلم الاتابك مودود ماكان بيد علي كجك من البلاد الى نائبه الجديد فخر الدين عبد المسيح.محاولة صلاح الدين الايوبي ضم بلاد هكاري وبعد ان تولي سيف الدين غازي الثاني ،وأقر الاخير فخر الدين على منصبه وما بيده من بلاد هكاري سنة(1196ـ1180م) وعين له نائباَ آخر اسمه مجاهد الدين قيماز،وجعل ادارة جميع المناطق التابعة للموصل تحت اشرافة بما فيها بلاد هكاري،على الرغم من تمكن قايماز من ضبط الامور في الموصل ،وتمكنه بحزم امام صلاح الدين ،وافشال حصاره الاول على الموصل. كان لاعتقال قايماز تاثير كبير على اتابكة الموصل ،اذ ما سمع نواب قايماز بذلك في الجزيرة ابن عمر واربل وعقرو وشهرزور وغيرها من الاماكن،واعلن اولئك النواب الى اربل والجزيرة انضمامهم الى صلاح الدين.
كما ويلحق نسبه الكردي بالعديد من احفاد وعائلة الشيخ عدي الاكبر(عدي بن مسافر) منهم الشيخ عدي الكردي الثاني بن ابي البركات صخر بن مسافر الهكاري وابنه الشيخ حسن الكردي بن عدي الثاني .
حظي الشيخ شمس الدين الحسن بن صخر بن عدي بن مسافر الهكاري بمكانة كبيرة بين الكورد بصورة عامة جماعته الائيزديين بصورة خاصة،مما أقلق بدر الدين لؤلؤ وخشي ان ينافسه في السلطة فدبر خدعة له (10)، فاحضره القلعة وحبسه،وثم قتله في سنة(1246م)،لم يكن بدر الدين لؤلؤ مطمئناَ من انصار ومؤيدي هذه العقيدة بسب اتلتفاتهم حول الشيخ ،مما دفع به الى تعمم فرض ضرائب باهضة على بني الائيزدية والزامهم بدفع الاموال واشارة الى ذلك احد المؤرخين بقوله: كان كثر التثقل على المؤمنين في هذه العقيدة ويكلفهم مالا كثير على وجه المساعدة).وبسب تلك المعاملة السيئة اضطر الائيزديين الى التأليب عليه ،ولما علم بدر الدين لؤلؤ بذلك ارسل جنده الى مركز لالش المقدس عندهم وامر بنبش قبر شيخ عدي واحرق عضامه مما أغضب الكرد الائيزديين واتفقو فيما بينهم بالاغارة على اطراف موصل ونهب قراها،فقرر بدر الدين محاربتهم ولكن باسلوب آخر،وهي ضرب الكورد بعضهم بالبعض الآخر لكي يثير بينهم الخلاف،من اجل الحفاظ على سلامة امارته،فقد ارسل في طلب الكرد في القلاع الهكارية من أجل مساعدته ضد الكورد الائيزديين. فوصل الف فارس منهم الى الموصل وضم اليه بدر الدين فرقة من قواته وارسلهم (1254م) الى لالش،وجرى بين الطرفين قتال شديد انتهى بهزيمة معتنقي عقيدة عدي الهكاري وقتل منهم لاتحصى ولاتعد واسر عدد كبير منهم حيث اخذوهم الى الموصل فصلبهم. ويمكن القول ان بدر الدين تمكن من بسط سيطرته على تلك البلاد بوسيلتين،الاولى من خلال التسامح مع حكام وامراء قلاع الهكارية في الجزء الشمالي من البلاد حيث منحهم الاقطاعات والاموال وارضائهم بذلك،اما الطريقة الثانية فهي اتباع سياسة الشدة والقتل بالاضافة الى فرض الضرائب الباهظة من القسم الجنوبي الشرقي من هكاري بسبب انتشار المباديء المخالفة بينهم،مما قد شك خطر على امارته المستقلة وهذا ما استعمله ضد الائيزديين في منطقة لالش.
وفي عهد العثمانيين كانت الموصل إحدى الولايات التابعة للخلافة العثمانية وقد تمكنت في حكمها المحلي والإقليمي الأسرة الجليلية 1136- 1249هـ / 1724 - 1834م التي تنتمي إلى مؤسسها عبد الجليلي(11)
وبرز من هذه العائلة اسم الوزير الحاج حسين باشا الجليلي 1108-1171هـ / 1697 -1758م. بشكل مؤثر من خلال الخدمات العسكرية التي قدمها للدولة العثمانية ضد الفرس وخصوصا نادر شاه. وقاد هذا الوزير انتصار الموصل على نادر شاه ومنع بذلك امتداد إيران الأفشارية . وقد اكتسب هذا الوالي الجليلي لقب "بطل الحصار". فثبت من خلال عمله الاستراتيجي موقع أسرته المحلية سياسيا وإداريا في حكم ولاية الموصل ،و يلاحظ الضعف في موقف حكام الموصل الجليليين تجاه ايزيدية الشيخان، و هذا راجع دون شك الى الدعم و الاسناد الذي كانوا يتلقوه من امارة بهدينان المجاورة ضد توسع النفوذ الجليلي، لذلك جاء رد الموصل على حادث اغتيال عبد الباقي باشا متأخرا في حوالي سنة 1799م، ولم يعتمد الجليليون على قواهم الذاتية فقط للانتقام، بل تعاونت قوات لقبائل عربية من العبيد و بو حمدان وطي و (300) فارس باباني تحت لواء احد اعوان والي بغداد و هو عبد العزيز بك الشاوي، و نزلت خارج الموصل و التحق بهم عساكر الموصل بقيادة الوزير محمد باشا الجليلي ، ثم توجهت الحملة الى مناطق هكاري، فوصلتها صباحا، فهرب امير الشيخان حسن بك بأهله و صعد الجبل و قامت هذه القوات حسب قول ياسين العمري "و نهبت نحو خمس عشرة قرية و جميع ما لهم من اموال و غلال القرى كلها لأهل الموصل و قتل من الشيخان خمسة و اربعين رجلا و حملوا رؤوسهم الى بغداد.
لقد قام الجليليون بمحاولات متعددة بغية ضم منطقة الشيخان حيث مركز الامارة الايزيدية الى نفوذهم، و لما كان الخيار العسكري غير فعال في تحقيق الغرض المذكور، توجه الحكام الجليليون لاستخدام الخيارات الأخرى لا سيما الاتصال بدار السلطنة في اسطنبول و اغداقهم بالهدايا و الاموال و كذلك الحال مع اولي الأمر في بغداد، و هو الذي دفع بالدولة العثمانية الى جعل هذه المنطقة تابعة لايالة الموصل طيلة الحكم المحلي الجليلي.
وكان من أبرز أبناء الأسرة الجليلية الوزير محمد أمين باشا الذي منح لقب "الغازي" نظرا لاشتراكه في الحرب العثمانية - الروسية عام 1184هـ / 1770 م كه سه ردار للجيوش العثمانية، وقد أسر من قبل الروس، وفك أسره بعد حوالي خمس سنوات، فقابل السلطان عبد الحميد الأول 1180- 1203هـ / 1774 - 1789م الذي وكل إليه مهمة تعديل نظام بلاد الشرق والعراق وولاه العراق ولكنه توفي سنة 1181هـ / 1775 م، قبيل الشروع بمهمته الكبرى،وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وقعت الموصل تحت الاحتلال الفرنسي وظلت كذلك تحت الحكم الفرنسي حتى نالت العراق الاستقلال(12).
الجزء المهم وهي الاهم في حياة مناطق هكاري الا وهو الزراعة كانت الزراعة في بلاد هكاري(13) فيأتي بالدرجة الاولى الغلات: كالحنطة والشعيروالرز والبقوليات حيث عد إبن حوقل منطقة فيشخابور و من المناطق التي اشتهرت بالغلات وذكر البلداني نفسه منطقة باهذرا((وله الدخل الكثير عن سائروجوه الغلات والفواكه اليابسة والرطبة))،حيث تميزت بكثرة بساتين الكروم فيها وغابات الاشجار اسبندار والجنار والبلوط والجوزوالتوث،فضلا عن اشجار السماق وما زالت عائلة هكارية ائيزدية سابقا كان تسكن في قرية (بربور) مشهور بلقب السماق.وكذلك موطن هكاري اشتهرت بتربية الاغنام والماشية ولعل وفرة منتوجاتها الحيوانية وبيع الفائيض عن حاجاتها الى مناطق اخرى وكانت تصدر الجبن والالبان الى الموصل،وامتازت بتربية النحل فكانت بعض مناطقها ذات شهرة خاصة في انتاج العسل حيث يقول الحموي عن قرية هروري:(والعسل فيه كثيرا).واشتهرت بالصناعة المواد الغذائية كنبيذ العنب والاجبان وصناعة الملابس من صوف الحيوانات وجلودها وكذلك بالنسبة التجارة وكانت هناك عدد طرق من اهمها :
1-طرق موصل عين سفني ـ لالش ـ زاويتة ـ بامرني ـ عمادية ـ منفذ كاني ماسي ـ جولميرك ـ وان.
2-طريق موصل ـ معلثايا(مالطاـ دهوك حاليا)ـ زاخو ـ الجزيرة.
3-طريق موصل ـ عقرة مارا ببردره ش ـ زيبار عمادية ـ جولميرك.
كانت لالش المكان المقدس للعبادة والتعليم فقد بنى شيخ عدي بن مسافر الهكاري(15) زاوية في جبل هكار وقد اقام هذا الشيخ زاويته في وسط وادي عميق يدعى لالش وصبح موطننا له وبيته،ويذكر ابن خلكان عن شيخ عدي بقوله:((ثم انقطع الى جبل الهكارية من اعمال الموصل وبنى له هناك زاويته ومال اليه اهل تلك النواحي كلها ميلا لم يسمع مثله ))،وبعد وفاة عدي بن مسافر الهكاري سنة(557هـ 1161م)،خلفه في المشيخة بزاويته في لالش ابن اخيه ابو البركات بن صخر وكان شيخ عدي يقول فيه:(ابو البركات يخلفني))،غير ان هذه الزاوية تعرضت الى التدمير في في عهد الشيخ حسن بن عدي بن ابي بركات المعروف بتاج العارفين كما ذكرنا سابقا على يد بدر الدين لؤلؤ،وفي الناحية العلمية كان تعقد في لالش مجالس العلم والوعظ وحلقات الذكر والارشاد،خاصة وان شيخ عدي وابناء اخيه من بعده كانو من العلماء والشيوخ الافاضل فيصف الشطنوفي الشيخ عدي في قوله:( من اعيان المشايخ المشهورين واجلاء العارفين المذكورين))،كان اعلام العلماء،ويقول الكتبي عن الشيخ حسن بن عدي بن صخر كان((من رجال العلم رايا....وله فضل وادب وشعر))،انه صنفت في تلك الزاوية كتبا،حيث ذكرت المصادر ان الشيخ حسن الهكاري مصنفات مثل(كتاب محك الايمان)و(الجلوة لارباب الخلوة)و(هداية العارفين)وله ديوان(16).

المصــــــــادر:
1-عن ولاية الهكاري جليلي جليل من تاريخ امارات الكوردية في العهد العثماني ص13ـ14.
2-بلاد هكاري،للكاتب والباحث ، الدكتور درويش يوسف حسن الهروري/دار سبيريز للطباعة والنشر/دراسة ساسية حضارية.
3-نظرة بالارقام والاسماء الى النسيج الاجتماعي للعراق(مركز الاخبار -أمان.
4-بلاد هكاري،للكاتب والباحث ، الدكتور درويش يوسف حسن الهروري/دار سبيريز للطباعة والنشر/دراسة ساسية حضارية.
5-عبدالرحمن المزوري (تاج العارفين عدي بن مسافر الهكاري).
http://www.islamicfeqh.com/Al-gadir/4/algadi02.htm-6-
تاريخ الموصل ص202-204 7-
8- مدخل لمعرفة تاريخ الديانة الايزدية (دكتور خليل جندي)،المجمع العلمي للتقريب بين المذاهب ص181-188
9-الاستاذ والمؤلف الكبير زهير كاظم عبود(عدي بن مسافر والرموز الدينية).
10-الايزيدية(حقائق وخفايا واساطير) للكاتب والمؤلف الكبير الاستاذ (زهير كاظم عبود) .
11-عدنان زيان،الايزديون وحكام موصل الجليليون.
12- الموصل تاريخ وحضارة،موقع سيف المنصور.
13-كتب وحضارت(المجلد التاسع)، الى الكامل في التاريخ،تاريخ كورد وكوردستان (محمد امين زكي).
14-بلاد هه كاري نفس المصدر السابق.
15- صديق الدملوجي اليزيدية.
16--بلاد هكاري،للكاتب والباحث ، الدكتور درويش يوسف حسن الهروري/دار سبيريز للطباعة والنشر/دراسة ساسية حضارية.


نايف رشو الايسياني
بيلفيلد المانيا2/2/2007

 
روابط ذات صلة
· زيادة حول ميتولوجية
· الأخبار بواسطة admin


أكثر مقال قراءة عن ميتولوجية:
اليزيدية بقايا الديانة المثرائية


تقييم المقال
المعدل: 2.66
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
سيئ


خيارات

 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا المقال لصديق أرسل هذا المقال لصديق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق