الجمعة، 17 مايو 2013

الأعياد والدبكات الكردية الشعبية والقومية

الأعياد والدبكات الكردية الشعبية والقومية
الموضوع:عادات وتقاليد
من التراث القومي الكردي

( الأعياد والدبكات الكردية الشعبية والقومية )*

بقلم المرحوم:احمد ملا خليل مشختي ( ب.ش.دلكوظان )

رافقت الدبكات و الرقصات والمناسبات القومية حياة الإنسان الكردي كغيره من أبناء الأمم والشعوب الأخرى من المهد إلى اللحد وبنفس الطريقة التي رافقه من الفناء ، فمن ترقيصات الأطفال التي تمارسها الأمهات مع أطفالهن إلى الرقصات الجماعية والفردية مرورا بالأعياد والمناسبات القومية والدينية ،كان الشعب الكردي ولم يزل رغم ماضيه المأساوي المحزن والحافل بالقتل والتشريد والدمار والتخريب على أيدي الغزاة والأعداء ، فانه كان يعطي لنفسه حقا في الأفراح والمسرات متحديا الدهور والزمن العاتي ، فكان صلبا جلدا" كالجبال وقد اثرت البيئة والطبيعة على

شخصيته وكينونته ونفسيته ، لذا نلاحظ إن الطبيعة الكردستانية عكست صورها على مشاعره ووجدانه ، ففي كوردستان كل مارق وراق حيث تكسو جبالها الثلوج شتاء ، والخضرة السندسية اليانعة ربيعا" تنحدر مياهها النميرية الرقراقة فريدة فوق الصخور منسابة إلى الوديان السحيقة ، أما فروعها النضرة وجنائن كرومها وبساتينها وأشجارها الباسقات تزيدها روعة وجمالا ، قد كسبتها الطبيعة من شجرها سحرا وبهاء إنها تلهم( تنفخ في سكانها روح الحياة العمل والهمة و النشاط ونسيمها العابث ل
يلا" في الصيف)أما نسائم صيفها تسهم حاملة" (عطرا" زكيا" معطرا")يقتل الحر فيبعث في الأجسام العليلة الصحة والعافية ونشوة وهناء ونشاط إنها كردستان ، الأرض المباركة التي فيها دعا نوح من ربه (رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين) فاستقرت على الجودي أو ارارات أو جبل نصير و كلها جبال ضمن كردستان فكان ولابد للكردي أن يتأثر بهذه الطبيعة الخلابة التي ألهمت شعراءها واوحت إلى مغنيها وأنتجت إبطالا وفطاحل ، وان يبعث في (سهم) روح الفرح والسرور والبهجة والحبور(وان يفرح لها كما تفرح وتتزين له) فرقص(الكردي طربا وغنى نشوة وأحب وطنه كما أحبته واحتضنته) والرقص (الدبكة ) والأعياد القومية سجل تاريخي ،إنها سطور معبرة (عوضت مافات)قامت مقام التدوين والتاريخ لأحداث ،كان هذا الوطن مسرحا لها ،لهذا فان الدبكات والرقصات والأعياد القومية ميدان خصب الدراسات المختلفة من عادات وتقاليد وما إليها ، فمثلا إذا لاحظنا الراقص الكردي يعتمد الخنجر وحركاته فانه يعبر عن رجولته وشجاعة قومه، وتعبر تشابك أيدي الراقصين عن الوحدة التامة تجاه المعتدي حيث يصبحون سدا منيعا وجسدا واحدا إذا ما استهدفت وحدة الأمة .وهذا ي
عني التحدي التلقائي ضد كل من حاول ويحاول وبكل الوسائل طمس معالم الروح الوطنية .يجدر بنا أن نبدأ بأهم الأعياد القومية لدى الشعب الكردي ألا وهو عيد النوروز ولانرى من الضروري الكتابة عن أصول هذا العيد فقد كتب عنه الكثير ولكننا نأخذ النوروز قبل أكثر من أربعمائة عام من الشاعر الكردي العظيم وصاحب ملحمة مم وزين وهو يصف لنا وبشكل دقيق موقف المجتمع الكردي من عيد نوروز واختلاط الجنسين في وقت كانت المرأة الشرقية لاتخرج من عتبة الباب يقول:



وةقتىَ وةكو شةهسوارىَ خاوةر ------ تخويل دكردة ماهي ازةر

يعني كو دهاتة برجي سةرسال -------- قةت كةس نةدما د مةسكةن و مال

بالجوملة دضوَنة دةر ذ مالان -------- حتا د طةهشتنة ثيير وكالان

روَذا كوو دةبووية عيدى نةوروَز --------- تعظيم ذبوَ دةما دل ئةفروَز

صةمرا وضةمةن دكرنة مةسكةن -------- بةيدا و دةمةن دكرنة طولشةن

خاصما عةزةب و كضى دةباكر -------- القصة جةواهرى دة نادر

تيَكدا دةموزةيةن و مولةبةس --------- ظيَكرا لة تة فة روحى مورة ظةص

ليَكن نةبة نزهةت و بة منةت -------- بةلكى بة طريقى شرع و سونةت



المعنى : عندما كان فارس المشرق – الشمس – يتحول إلى شهر آذار ، أي عندما كان يأتي إلى برج – الحمل – رأس السنة ، لم يبق احد في المسكن ، كانوا جميعا" خارج بيوتهم حتى العجائز ،عندما يقدم إليهم عيد النوروز كان التعظيم يبقى لصاحب القلب النير ، كانت الصحراء والخضراء تغدوان لهم مسكنا" ، ويجعلون من الصحارى بساتين وورد ، العزاب والفتيات ، أي الجواهر النادرة ،كانوا جميعا" ، مزينين بالثياب الفاخرة ، وكانوا مرخصين للتفرج وتبادل النضرات البريئة في حدود الشرع والسنة ،هكذا كانت النوروز وظل كذلك وسيظل نار نوروز حارقة" للغزاة وستبقى نورها هاديا" لنا ولأجيالنا ، لانريد إطالة المقدمة وعلى حساب الموضوع الذي نحن بصدده.

ومن المناسبات القومية الخالدة عيد (مهرطان) الجماعية الذي صانه الكرد الأيزيديون حتى وقتنا الحاضر وقدموا هدية مصونة محفوظة ،لانريد الخوض في تاريخ وكيفية المهرطان فذلك يتطلب بحثا" خاصا" إلا أننا نبحث عن جماعية الأيزيدية أو بالأحرى (مهرطان) الحالي .

يبدأ هذا العيد في اليوم الثالث والعشرين من شهر أيلول الشرقي (6 تشرين الأول الغربي) المطابقة سابقا" لشهر (مهر مالا) في السادس عشر منه وينتهي في الثلاثين من (13تشرين الأول الغربي) وكان هذا العيد يعرف لدى الفرس الارشاقد (الفهلويين) ب (باط يادي) أي ذكرى الإله وفي الجماعية تجري طقس مثروي قديم وهو طقس القاثاغ والكلمة حسب رأيي مركبة من (طا+نوط) بمعنى ثور الإله حيث إن الجزء الثاني من الكلمة (بوك أو بوط) تعني الإله في العديد من الشعوب الآرية وضمن الكتب الظيدية والأوسطية وفعلا" إن الثور الذي يضحي هو ذلك الثور الأسطوري الذي ذبحه الإله ميثرا وخلقه من أجزاءه ودمه النباتات والأعشاب وغيره.

ويذهب الكرد الايزيديون من مختلف المناطق إلى مرقد الشيخ عدي وتجري مراسيم دينية خلال هذه الأيام وتقام دبكات مختلطة جميلة وجذابة في العديد من أماكن الوادي المقدس لالش وهذه الدبكات ذات أصول طقسية أصلا" حيث كان المثرويون القدماء يقيمون مثل هذه الاحتفالات بمناسبة قبض الإله على الثور السماوي الذي هرب من ميثرا ثم قبض علية فقتلة ميثرا بطعنة خنجر وكان للورد عدة أعياد اندثر معظمها مثل (الكهبارات) وغيرها .


الدبكات الكردية واصطلاحاتها :

تستعمل بعض الاصطلاحات للتعبير عن الدبكة منها (داوةت) وهي متأتية من (دعوة) العربية ومصطلح(سةما) أو(سةماوةند) فالكلمة كردية تعني الفرح ،الدبكة أما أقدم المصطلحات فهي (شاهى) الفرح ولغة لها علاقة (بالشاه رجا) كان عيدا" خاصا" بالملوك وهناك تعبيران مهمان وهما (طوَظةند) و(ديلان) في اعتقادي إن هاتين اللفظتين أقدم ما وصلتنا من المصطلحات التي لها دلالات مهمة يفيد الباحثين في هذا المجال فال(طوَظةند) لها علاقة من حيث الاشتقاق بالحيوانات الأهلية الماشية والأغنام حيث إن الكلمة مركبة من (طوَ+ ظةند) فالأولى تعني الماشية والأغنام والثانية ربما محرفة من (بند) بمعنى الربط ،الفصل،الفقر،العبد، ولعل إن أجدادنا القدماء كانوا يقيمون احتفالات بمناسبة ولادة الماشية أو جلب الماشية إثناء الانتصار في المعارك أو ربط الأبقار في فترة النزو أو ماشابه .أما كلمة (ديلان) فالعلاقة واضحة بين هذا المصطلح ولفظ (ديل= العبد في الأسير) وهذه المناسبة أيضا" لها دلالة واضحة ربما كانت تقيم احتفالات بمناسبة جلب الأسرى.

ويستعمل الايزيديون مصطلح (السما) لتدل على رقص ديني حيث تنعقد حلقات الرقص في معبد لالش على إيقاع الدف والناي والأقوال ولهذه الرقصة سبعة إيقاعات قد تستعمل كل هذه الإيقاعات في رقصة واحدة ويبدأ بعض من رجال الدين بالحركة والدوران حول الشمعدان (النار المقدسة) ثلاث دورات في بعض المناسبات والأعياد .إن لفضة "سما" هي الرقص وقد أخذها الصدفية لوصف الحركات الإيقاعية التي يؤذونها على أنغام القوالين .كما نجد هذا النوع من الرقص الديني – وباختلاف- في الحضرات التي يقيمها إتباع الطرق الصوفية في كردستان حيث يقف الدراويش والمريدون في حلقة بينما يأخذ بعضهم بالضرب على الدفوف تناغم مع الذكر ويأخذ الواقفون في الاهتزاز والترنح وهم يذكرون الله ويسبحون ، ويقف في وسط الحلقة منشد(قوال) يقول نصوصا" دينية غنائية محفوظة ويردد الآخرون ،ثم يأخذ بالدوران في حركات إيقاعية حتى يأخذهم الحال .والرقص الديني قديم جدا" حيث كان البدائيون يقيمونها تعبيرا" لعبادة تتقرب بها للآلهة ،أما في وقتنا الحاضر فقد أصبحت الرقصات (الدبكات) مرادفا" للزواج بالدرجة الأولى .

الدبكات الشعبية: لاتختلف دبكات مناسبات الزواج عن دبكات المناسبات الأخرى أما ظاهرة تعدد أسماء الدبكات فناتج عن تعدد المناطق وتبادل التأثير خلال تعاقب القرون فاندثرت بعضها أو اندمجت في رقصة أخرى وقد لاتميز أصولها وعليه يجب الإسراع بالدراسات الميدانية لكل الرقصات الأصيلة مع الأغاني المختصة بها وقد اقتبس العرب العراقيون منا رقصة (الضوبي) ونحسبها الآن عربية مع العلم إن العلامة الراحل الدكتور مصطفى جواد أكد إن كلمة (ضوبى) تنسب إلى عشيرة (ضوبي)(ربما ضوَك و ثى أو ربما ضةثى) أو(شوبي) الكردية كما يرى إن الشيخ جلال الدين الحنفي بان (الضوبي) رقصة كردية .


أنواع الدبكات :

في بهدينان هناك العديد من أنواع الدبكات منها اندثرت ومنها لاتزال باقية لحد الآن والدبكات هي: -

طول شيَنى – زاخوَلى – بابلةكان – يارطوَزةل – مةم عةباسى- بةروثشت – ملانىَ – ميراثى – سىَ طاف – عةرةبكانىَ – سنجاتى- كوَضةرىَ – يارطولىَ – توسكى – شةنطارى – دنانى – رةزايى – مةرطى – لم يتبقى لها وجود الآن – عةليكو مةيمون – ديطوشتكارى- سوياركى – لم يعد لها وجود الآن وهي رقصة كانت تؤدى على ظهر الخيل أمام العروسة عند زفافها – وأخيرا" وأشهرها الشيَخاني التي انتشرت في العديد من قرى ومدن كردستان حتى وصلت إلى (حلب) سورية وبين مسيحي ألقوش وغيرهم . وكذلك يشترك الكرد الشبك في معظم أنواع الدبكات البهدينانية بالإضافة إلى الكرد الايزدية قاطبة .



الدبكات السورانية والقبليه

منها سويسكةى،سىَ ثىَ ،ضةثىَ ، عةيشوكىَ ، سورانى، فةقيانى ،حوحانى ،حيلانى ، ولاكراد الفيلية دبكات منها راست، ضةثى ، سةنطين سة ،شانة شةكى ، حةليرةطة ، عةلى فةتاحى ، فةتاح ثاشايى .



الآلات المستخدمة للدبكات :

من الآلات التي تستخدم عند تأدية الدبكة الشعبية الكردية .

1- دهوَل (الطبل) يمتاز بكبر حجمه ويستخدم عند استعماله نوعين من الأعواد احدهما رفيع والآخر غليظ معقوف .

2- زرِنا في الأصل (سوورنايى) أي قصبة الفرح وهي عبارة عن اسطوانة مجوفة تتسع تدريجيا" كلما ابتعدت عن فتحة الفم وهو مصنوع من خشب خاص وبه عدة ثقوب للتحكم بالنغمات.

3- دودك(دودانك) مطبق، شبابه، ويسميها البعض ( دوزه له) أي قصبتان وهو عبارة عن قصبتين مجوفتين متلاصقتين ربما بواسطة القير أو الخيوط على سطحيها عدة ثقوب مرتبة مزدوجة .

4- الناي(بلوير) هناك أنواع مختلفة من الناي وهو يصنع عادة من خشب الصاج أو من القصب أو من شجرة المشمش وهي عبارة عن اسطوانة مفردة بها عدة ثقوب .

ملابس الدبكة : الكردي والكردية حريصان جدا" على لبس وملابسهم التقليدية القومية وخاصة أثناء احتفالات الأعراس والأعياد القومية حيث يعتز كلاهما بلبسه وتمتاز النساء وملابسهن الزاهية وحليهن وحيث يتخذن من الحناء والكحل زينتهن ومن ثم بإطلاق الزغاريد

الجميلة والأغاني الشجية التي تنشد في حضرة(مقبة) العروسة والتي تسمى (نارينك) أما الصغيرات السن فيرقصن أمام العروسة وهم (بةربووك) أي أمام العروسة ثم هن يذهبن مع الرجال تعني لجلب العروسة ويصاحبنها حتى دار العريس .

* وردتنا هذه المقالة عن طريق الكاتب خيري بوزاني .



المصادر المعتمدة:

1- من كتب نماذج التراث الشعبي الكردي تأليف :محمد توفيق وردي .

2- مجلة التراث الشعبي العدد 12 السنة العاشرة 1979 .من مقالة عبد الجبار السامرائي.

3- مجلة المغرب العربي عدد خاص عن العراق ج5 لسنة 1971 السنة العاشرة .

4- يسنا جلد أول طزارش ثور داود (جزء من الاوستا) .

5- مجلة التراث الشعبي العدد الخامس والسادس السنة الرابعة عشر لسنة 1983 من مقالة مدحي محمود المندلاوي .

6- من تحقيقاتي الخاصة ومشاهداتي العيانية .

7- من أفواه الناس نساء" ورجالا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق